عبد الحميد أمين : أي عمل نقابي لمواجهة الهجوم على مكتسبات الشغيلة ؟


أي عمل نقابي لمواجهة الهجوم على مكتسبات الشغيلة ؟
[عرض تكويني (عن بعد) لعبدالحميد أمين في 11 يوليوز 2020]


1) لمواجهة الهجوم على مكتسبات الشغيلة: العمل النقابي التقدمي

تعيش شغيلة القطاع الفلاحي من موظفين ومستخدمين وعمال وفلاحين كادحين، رجالاً ونساءً، أوضاعاً متردية ناتجة عن الهجوم الشرس للرأسمالية المتوحشة، بدعم من السلطات المخزنية، على مكتسباتها وحقوقها.
يتجسد هذا التردي في جمود الأجور، أو ارتفاعها الضئيل، بالمقارنة مع ارتفاع الأثمان وكلفة المعيشة، في ضعف أو غياب الحماية الاجتماعية، في هشاشة الشغل، وضعف الاستقرار في العمل وانتشار العطالة، وفي الاعتداء المتصاعد على الحريات النقابية، وفي مقدمتها الحق في التنظيم النقابي والحق في الإضراب.
في كل هذا لم تكتف الرأسمالية باللجوء إلى القوانين الطبقية التي وضعت لخدمة الرأسمالية  والمستغلين، أولاً وقبل كل شيء، بل لجأت كذلك إلى التحايل للتهرب من تطبيق المقتضيات الإيجابية داخل هذه القوانين، وإلى الانتهاك السافر لهاته المقتضيات على مرأى من السلطات المكلفة بالحرص على تطبيقها، وحتى القضاء نفسه، من خلال إصدار أحكام جائرة لصالح الباطرونا أو من خلال غياب الحرص على تطبيق أحكامه عندما تكون منصفة للشغيلة.
أكثر من ذلك، قامت السلطات، استجابة لمصالح الباطرونا بوضع مشاريع قوانين جديدة، لضمان المزيد من المكاسب للرأسمالية المتوحشة وهو ما يظهر بوضوح من خلال مشروع القانون التكبيلي لحق الإضراب، مشروع قانون النقابات، مشروع القانون التعديلي لمدونة الشغل، المخطط التخريبي للوظيفة العمومية، الهادف إلى إضعاف قطاع الوظيفة العمومية وتقليص عدد الموظفين/ات، وانتشار العمل بالعقدة والتراجع عن مكاسب الموظفين/ات بشكل ممنهج، بما في ذلك التراجعات التي عرفها نظام المعاشات المدنية التابع للصندوق المغربي للتقاعد.
كل هذا كان قبل جائحة كورونا    
أما بعد الجائحة، وما تسببت فيه من أضرار للاقتصاد الوطني وللجماهير العمالية والشعبية، فإن الرأسمالية الجشعة، مدعومة من طرف الحكومة وسائر أجهزة الدولة، لا ترى سوى طريق واحد للخروج من الأزمة واسترجاع أرباحها ورفاهيتها. إنه طريق المزيد من استغلال العاملات والعمال.
إنه طريق الضغط للحصول على دعم متزايد من ميزانية الدولة على حساب الضرائب المنتزعة من المواطنين/ات، والمزيد من تقليص الخدمات الاجتماعية للمواطنات والمواطنين.
فالعطالة ستتفاقم، ومئات الآلاف من الشغيلة سيفقدون عملهم، ومئات الآلاف من حاملي الشهادات سيلتحقون بجيوش المعطلين، وهشاشة الشغل ستتصاعد، والقدرة الشرائية ستتراجع، ومكتسبات الموظفيين/ات والمستخدمين/ات بالمؤسسات العمومية ستذهب أدراج الرياح، والحريات النقابية ستُسحق.
أما أوضاع الفلاحين الكادحين، الذين يعيشون بقوة عملهم وعمل عائلاتهم، فستعرف تدهوراً غير مسبوق نتيجة مخلفات جائحة كورونا ومخلفات جائحة اجفاف الخطير الذي تعيشه بلادنا هذه السنة، وما يرافقه من تدني للإنتاج الفلاحي ومن قلة للماء من أجل السقي وحتى من أجل الشرب للإنسان وللحيوان.
أمام هذه الوضعية، هناك طريقان، لا ثالث لهما أمام الشغيلة: إما الاستسلام لهذا المصير المُفجع والقبول بالعبودية، وإما المقاومة الجماعية من أجل فرض شروط الحياة الكريمة.
وطبعاً، إن اختيارنا كمناضلين/ات نقابيين مُلتزمين بقضايا شعبنا وطبقتنا العاملة هو طريق المقاومة من خلال العمل النقابي؛ ليس أي عمل نقابي، ليس العمل النقابي كما يمارسه الانتهازيون وسماسرة العمل النقابي. ولكن العمل النقابي بمضمونه الأصيل، الكفاحي والديمقراطي والوحدوي، العمل النقابي الكفيل باستقطاب ملايين العمال والأجراء والشغيلة، رجالاً ونساءً، لصفوفه.
فما هو هذا العمل النقابي المنشود، للتصدي لجبروت الرأسمالية المتوحشة، المدعومة من طرف الحكومة وسائر أجهزة الدولة؟
لنبدأ من التعريف بالنقابة والعمل النقابي.
* النقابة ــ وما يهمنا هنا هي نقابة الشغيلة، التي تضم سائر فئات الأجراء والأجيرات وفئات أخرى من الكادحين/ات بمن فيهم الفلاحين ــ هي تنظيم ديمقراطي دائم، تنشؤه الشغيلة، وينخرطون فيه بشكل طوعي، ويسيّرونه بأنفسهم، من أجل الدفاع عن مصالحهم، بالوسائل المشروعة، التي يحدِّدونها.
* ما هي أهداف العمل النقابي؟
إنها تكمن في الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للشغيلة، بغاية تحسين أوضاعهم مادياً ومعنوياً.
وفي المنظور التقدمي للعمل النقابي يتمّ التمييز بين الأهداف المباشرة والأهداف الاستراتيجية للعمل النقابي.
·       إن الأهداف المباشرة، كما يتم ممارسة ذلك يومياً، ومنذ ما يقرب من قرنين، تكمن في:
§          ضمان استقرار العمل؛
§          تحسين الأجور والتعويضات المختلفة؛
§          الحماية الاجتماعية في مجالات التأمين عن المرض وحوادث الشغل والأمراض المهنية، والبطالة، وضمان المعاشات عن الشيخوخة والعجز والوفاة، ...
§          التقليص من مدة العمل اليومية والأسبوعية والسنوية مع توفير فرص أكبر للراحة: الراحة الأسبوعية، الأعياد، العطلة السنوية المؤدى عنها؛
§          تحسين ظروف العمل على المستوى الأمني والصحي والحماية من حوادث الشغل والأمراض المهنية؛
§          ضبط العلاقة بين المشغل والأجراء لحمايتهم من التعسف وضمان احترام كرامتهم؛
§          ضمان ممارسة الحقوق النقابية: تكوين النقابة والانخراط فيها، تقديم المطالب، المفاوضة الجماعية بشأها، التسهيلات للأطر النقابية لمزاولة النشاط النقابي من أجل الاتصال والاجتماع والتكوين، الإعلام النقابي، حق الإضراب، ...
إن تحقيق الأهداف المباشرة للعمال يتم عبر سنّ تشريع للشغل ملائم للعمال، وتطبيقه، أو عبر إبرام اتفاقيات جماعية بين النقابة والمشغلين على مستوى المؤسسة أو القطاع أو المنطقة أو على المستوى الوطني.
·       أما الهدف الاستراتيجي للعمل النقابي:
فيكمن في القضاء على الاستغلال الرأسمالي؛ ذلك أن السبب الجوهري لمعاناة العمال، والشغيلة عامة، من المشاكل الاجتماعية، يكمن في الاستغلال نفسه.
وإذا كان العمل النقابي بأهدافه المباشرة يُمكِّن من تحقيق العديد من المطالب ومن تلطيف الاستغلال، مع الحفاظ على الاستغلال، فإن العمل النقابي بمفهومه الاستراتيجي يتطلّع للقضاء على الاستغلال نفسه، عبر التخلص من الرأسمالية واستبدالها بنظام آخر، تكون فيه السلطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بيد الشغيلة وممثليها؛ وهذا هو النظام الاشتراكي.
ومن المؤكد أن تحقيق الهدف الاستراتيجي للعمل النقابي يستوجب، ليس فقط عملاً نقابياً متطوراً وبمضمون سياسي تقدمي، للربط بين أهدافه المباشرة وهدفه الاستراتيجي، وإنّما كذلك تمكين الطبقة العاملة وعموم الشغيلة من حزب سياسي عمالي يحملُ طموحها إلى التخلص من الاستغلال وبناء مجتمع ينعدم فيه استغلال الإنسان للإنسان.
  
2)  قيم ومبادئ العمل النقابي التقدمي
إن العمل النقابي، كما سنرى ذلك لاحقاً، يرتكز على عدد من المقومات تهمّ التنظيم والتكوين والإعلام ووضع الملفات المطلبية والتفاوض الجماعي ومختلف أصناف النضال النقابي.
لكن العمل النقابي التقدمي والتحرري هو أوّلاً وقبل كل شيء قِيمٌ ومبادئ، وهذه هي الحلقة الضعيفة في العمل النقابي كما يمارس اليوم ببلادنا.
إن العمل النقابي الذي سيمكّن من تحقيق أهدافه المباشرة والاستراتيجية هو بالضرورة مؤطر بقيم إنسانية ونضالية متميزة وبمبادئ ثابتة تشكّل منطلقاتنا في العمل النقابي.
·       القيم، أوّلاً
من المفروض في المناضلين/ات النقابيين المخلصين للطبقة العاملة ولأهدافها السامية أن يتشبعوا بالقيم الإنسانية والنضالية وفي مقدمتها:
1.     احترام حقوق الانسان الكونية المتجسدة في قدسية الحياة والكرامة والحرية والمساواة والتضامن وهي القيم التي وجدنا أبرزها في الشعار المركزي لحركة 20 فبراير المجيدة: كرامة، حرية، مساواة، عدالة اجتماعية.
2.     التشبع بشعار "خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها" والعمل على أجرأته في الحياة النقابية اليومية.
3.     الأمانة والاستقامة والكرم وحب الخير للناس وللمستضعفين بالخصوص،
§        الصدق والصراحة والتواضع والقدرة على الإنصات للآخر،
§        النزاهة في العمل النضالي والعمل المهني والوفاء بالالتزامات،
§        الاحترام والوفاء والإخلاص في الرفاقية والصداقة والعلاقات الزوجية،
§        الجرأة على التفكير والتعبير، والدفاع عن العقلانية والسلم والمحبة والأخوة بين الشغيلة وبين البشر، ونهج أسلوب العمل المشترك بدل العمل الفردي.
4.     كل هذا يتطلب في نفس الوقت الاشتغال على ذواتنا للتخلص من القيم المشينة التي غرستها الرأسمالية المتوحشة والمخزن في وجدان الناس مثل الفردانية والأنانية والطموح للاغتناء الفردي على حساب الجماعة وما ينتج عنه من مظاهر الفساد، الطاعة والخنوع والتملق، النفاق والنميمة والكذب، الجُبن والتملص من الالتزامات، نهج سياسة "فرّق تسُد"، ...

      مبادئ العمل النقابي
إنها المبادئ التي نعمل على تبنيها ونحثّ للعمل على أساسها من طرف كافة الأجهزة والهياكل التنظيمية داخل الجامعة وداخل الاتحاد المغربي للشغل عامة. وهذه المبادئ الستة هي:
الوحدة والتضامن والديمقراطية والاستقلالية والجماهيرية والتقدمية.
أ‌.        الوحدة النقابية
-       مدلول هذا المبدأ
-       أساسه النظري: وحدة مصالح الطبقة العاملة، وحدة العدو (الباطرونا، الرأسمالية، الكتلة الطبقية السائدة، الدولة المخزنية الحامية لمصالحهما)
-       مبررات التقسيم الأربعة:
طرحها:
+       الانزلاق السياسي
+       الانزلاق الخبزي
+       البيروقراطية
+       التعددية النقابية من مقومات الديمقراطية

دحضها:
-       التفسير الحقيقي للتقسيم والتعددية
ضرب الوحدة (فرِّق تسد)
التقسيم لأغراض انتهازية
-       مساوئ التقسيم والتعددية من خلال النتائج:
+       20 مركزية نقابية !!
+       تقلص عدد المنخرطين: 650000 في نهاية الخمسينات إلى   إلى 300000 أو 400000 حاليا.
+       ضرب المكتسبات
. النزوع نحو تصفية صندوق المقاصة
                . التقاعد (الثالوث الملعون)
                .  مشاريع القوانين التراجعية (الإضراب + النقابات + المدونة + المخطط التخريبي للوظيفة العمومية)
 . ضرب استقرار العمل (العمل بالعقدة // المرونة)
لكل هذا نحن نتشبث بالوحدة في إطار مركزية نقابية واحدة. وتمهيداً لذلك ندعو للنضال الوحدوي والوحدة النضالية. ومن هنا موقفنا المتحمس  للتنسيق النقابي المشكل في 29 يناير 2014 : التشبث به مع الدفع إلى تطويره (المأسسة قيادياً + التقعيد + التوسيع)
ب‌.   التضامن/ جوهر العمل النقابي
-       مدلوله وأهميته
-       مستويات التضامن وتبعاته التنظيمية
ج‌.    الديمقراطية
-       بناء مجتمع ديمقراطي بمفهومه الشمولي
-       الحريات الديمقراطية وفي مقدمتها الحريات النقابية
-       الديمقراطية الداخلية أو الديمقراطية النقابية
د. الاستقلالية النقابية
ـــ      مدلولها:
+       عن المشغلين/ الباطرونا (الخواص والدولة)
+       عن السلطة
+       عن الأحزاب
-         الاستقلالية لا تعني انعدام متحزبين أو متسيسين داخل النقابة أو عناصر موالية للباطرونا والسلطة/ات.
-         الاستقلالية لا تعني غياب مواقف سياسية خاصّة بالنقابة.
هـ. الجماهيرية
-    النقابة مفتوحة للجميع بغض النظر عن التمايزات المتعددة بين الشغيلة.
-    علاقة الجماهيرية باحترام المبادئ الأخرى.
و. التقدمية
-       اتخاذ مواقف تقدمية، بشأن القضايا التي تهم الشغيلة بالخصوص.
-       تطوير الكفاحية.
-       تفعيل شعار "خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها" / مناهضة الفساد.
-       العمل في أفق مجتمع التحرر للطبقة العاملة.

3) آليات ورافعات العمل النقابي التقدمي
·       الوعي النقابي
-       أهميته بالنسبة للعمل النقابي: التنظيم/ الملفات المطلبية – التفاوض// النضال – إدارة المعارك.
-       من أين يأتي الوعي النقابي؟
+       لا ينزل من السماء ولا يخلق مع الإنسان
+       يكتسب:
§       بالتجربة وتبادل التجارب،
§       بالتكوين الجماعي والفردي (الاجتهاد الشخصي)،
§       بالإعلام والتواصل.
-         مضمون التكوين: مجالات التكوين متعددة: القوانين، الاقتصاد، السياسة، العلوم الاجتماعية، التاريخ، التجارب النقابية، التنظيم النقابي، ...
·        التنظيم النقابي
-          أهميته: من لا تنظيم له لا قوة له، ومن لا قوة له لا حقوق له، ومن لا حقوق له لا كرامة له، ومن كرامة له لا حياة له.
-          مستويات التنظيم:
§     من التنظيم القاعدي إلى التنظيم الدولي//الهياكل والأجهزة.
§     هيكلة الاتحاد المغربي للشغل//هيكلة الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي//هيكلة الاتحادات المحلية.
-آليات العمل النقابي المنظم والديمقراطي
المؤتمرات//الجموعات العامة//المكاتب النقابية
·        التفاوض النقابي: بعد صياغة الملفات المطلبية من خلال دراسة الواقع وحاجيات الشغيلة
·       النضال النقابي:
-          أهميته الحاسمة (بعد أو قبل التفاوض)
-          أشكاله: من الرسالة الاحتجاجية أو المطلبية إلى الإضراب العام الوطني وأحياناً الدولي.

عرض تكويني (عن بعد) لعبدالحميد أمين في 11 يوليوز 2020


تعليقات